الموساد الإسرائيلي: الجهاز السري الذي يخوض حروب الظل
في عالم الاستخبارات، يبرز اسم "الموساد" كواحد من أكثر الأجهزة إثارة للجدل والاهتمام، بفضل ما يُنسب إليه من عمليات نوعية، نفذت في قلب عواصم أجنبية، وأثرت في مسارات سياسية وأمنية في الشرق الأوسط والعالم. فمن هو هذا الجهاز؟ وكيف يعمل؟ ولماذا يُعتبر من أقوى أجهزة الاستخبارات في العالم؟
ما هو الموساد؟
"الموساد" هو الاسم المختصر لـ"المؤسسة للاستخبارات والمهام الخاصة" في إسرائيل، وهو جهاز الاستخبارات الخارجية المسؤول عن جمع المعلومات، وتنسيق العمليات السرية خارج حدود الدولة العبرية، بما في ذلك الاغتيالات، التجسس، والحرب السيبرانية.
تأسس الموساد عام 1949 بأمر من رئيس الوزراء دافيد بن غوريون، ليكون العين التي ترى في الخارج، والسلاح الذي يضرب من الظل. ومنذ ذلك الحين، أصبح أحد الأعمدة الثلاثة لمنظومة الاستخبارات الإسرائيلية، إلى جانب الشاباك (للأمن الداخلي) وأمان (الاستخبارات العسكرية).
المهام والقدرات
لا يقتصر دور الموساد على جمع المعلومات، بل يمتد إلى تنفيذ عمليات خاصة، تشمل اغتيال شخصيات تعتبرها إسرائيل تهديدًا لأمنها القومي، أو تخريب منشآت في دول معادية، أو دعم أنشطة الهجرة اليهودية من بلدان مغلقة.
يشتهر الجهاز بقدرته على التخطيط الدقيق، واستخدام تقنيات عالية التطور، بالإضافة إلى اختراق شبكات معقدة، وتشغيل عملاء في أماكن حساسة. كما يمتلك الموساد وحدات متخصصة، أبرزها "قيساريا" التي تُنفذ العمليات الميدانية، و"تسوميت" لتشغيل العملاء، و"تيفيل" للعلاقات الخارجية.
عمليات مشهورة
من أشهر عمليات الموساد، اختطاف النازي السابق أدولف آيخمان من الأرجنتين عام 1960، واغتيال القادة الفلسطينيين في عملية "غضب الله" بعد هجوم ميونيخ 1972، وتفجير منشآت نووية عراقية وسورية وإيرانية، وعمليات اغتيال العلماء النوويين الإيرانيين في السنوات الأخيرة.
كذلك نُسب إليه عملية سرقة الأرشيف النووي الإيراني من قلب طهران عام 2018، في عملية وصفتها إسرائيل بأنها "أشبه بفيلم سينمائي".
جدل وانتقادات
رغم مهاراته ونجاحاته، فإن الموساد لا يخلو من الانتقادات والاتهامات. فقد اتُهم مرارًا بانتهاك سيادة دول أخرى، واستخدام جوازات سفر مزورة، وتنفيذ اغتيالات خارج إطار القانون الدولي.
وقد تعرض الجهاز لعدة فضائح، منها فشل محاولة اغتيال خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، في الأردن عام 1997، ما كاد أن يؤدي إلى أزمة دبلوماسية حادة بين إسرائيل وعمّان.
تقييم عالمي
يُصنف الموساد ضمن أقوى أجهزة الاستخبارات في العالم، إلى جانب وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA)، وجهاز الاستخبارات الروسي (SVR)، وMI6 البريطاني. لكن ما يميزه عن غيره هو قدرته على تنفيذ عمليات دقيقة وجريئة، بأدوات محدودة، وفي مناطق معادية.
كما تربطه علاقات تعاون سرية وعلنية مع عدد من أجهزة الاستخبارات في الغرب والعالم العربي، خاصة في ظل التغيرات السياسية والتحالفات الأمنية التي أعقبت اتفاقات التطبيع الأخيرة.
في الختام
يبقى الموساد جهازًا غامضًا، لا تُعرف تفاصيله الكاملة، ولا يظهر رجاله للعلن، لكنه حاضر في العناوين الكبرى، ومؤثر في القرارات الصغرى. وفي منطقة تموج بالصراعات والتقلبات، يبدو أن الموساد سيبقى لاعبًا رئيسيًا في حروب الظل، سواء أحبّه البعض أو خشوه.
الموساد الإسرائيلي
👁 512 مشاهدة
التعليقات (2)
أضف تعليقاً